أقرت المحكمة الإدارية العليا مؤخرًا مبدأ قضائيًا يسلط الضوء على المسؤولية الكبيرة التي يتحملها المقاول بسبب أي تقصير أو إخلال في التزاماته التعاقدية، وقد جاءت هذه القرارات تعزيزًا لعمليات إدارة المشاريع، حيث يحق للجهة الإدارية سحب الأعمال من المقاول المقصر وتنفيذها على نفقته الخاصة لضمان عدم تأخر خدمات المرافق العامة، على أن يتم تقديم مستندات قانونية تثبت فروق الأسعار.
يتضح من حكم المحكمة أن الجهة الإدارية تمتلك سلطة اتخاذ الإجراءات اللازمة عند ثبوت إخلال المقاول بطريقة أو بأخرى، حيث يصبح بإمكانها سحب الأعمال وتكليف مقاول آخر لاستكمالها دون الحاجة إلى حكم قضائي مسبق، ويشترط أن تكون هناك وثائق رسمية تثبت إجراءات السحب وفروق الأسعار من الجهات المختصة، مما يعزز الشفافية والمصداقية في هذه العمليات.
كما أكدت المحكمة على أن هذا الإجراء لا يُعتبر جزاءً تأديبيًا بل هو وسيلة قانونية تضمن استمرارية عمل المرافق العامة، وقد أشارت إلى حق الإدارة في خصم النفقات الإضافية وفروق الأسعار الناتجة عن التنفيذ على حساب المقاول المقصر، بشرط توثيق هذه النفقات بشكل رسمي وبمستندات قانونية معتمدة لدعم هذه الإجراءات.
وعلى الجانب الآخر، أقرت المحكمة بأن المقاول له الحق في المطالبة بمستحقاته المالية عن الأعمال التي تم تنفيذها، بما في ذلك خدمات الحراسة أو الصيانة التي تم تكليفه بها بعد الاستلام الابتدائي للمشروع، وألزمت الجهة الإدارية بسداد هذه المستحقات مع فوائد قانونية سنوية، مما يعكس التوازن بين حماية حقوق المقاولين ومتطلبات المال العام.
في ختام حكمها، شددت المحكمة على أن الحصول على التعويض يكون مشروطًا بإثبات خطأ من جانب الجهة الإدارية، حيث إن انتفاء هذا الخطأ يسقط الحق في المطالبة بالتعويض، مما يعكس التوجه نحو تحقيق العدالة، ويعزز مبدأ حماية حقوق المتعاقدين مع الإدارة مع الحفاظ على المال العام، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تطوير بيئة الأعمال وتحسين جودة المشاريع.
