في إطار السعي الدائم لتطبيق العدالة وحل النزاعات الأسرية، أقامت محكمة النقض مجموعة من المبادئ القانونية الحاسمة التي تؤكد أن الخلع لا بد من أن يقترن برد ما تم استلامه من مهر ومقدم صداق حقيقي، وهي رسالة تهدف إلى تدعيم القيم القانونية في العلاقات الزوجية، حيث لا جدوى من الخلع في حالة وجود اتفاقات شكلية تعطل المبدأ القانوني وتقوض أركانه.
سلطت المحكمة الضوء على أن الخلع ليس مجرد منفذ للهروب من الروابط الزوجية بل هو نظام قانوني يهدف إلى حماية مصالح الزوجة المعنية، مع ضرورة وجود تنازلات واضحة وحقيقية من قبلها، لذا لا ينبغي الخلط بين حقوقها ومفهوم إنهاء العلاقة، حيث يتعين على المحكمة أن تتأكد من أن رغبة الزوجة في الانفصال نابعة من إرادة حرة وغير منحازة.
أكدت المحكمة أهمية رد المهر ومقدم الصداق كجزء لا يتجزأ من الحقوق، معلنة بأنها رموز لعلاقة الزواج، ولا يمكن التفريط فيها عبر اتفاقات وهمية أو بدائل رمزية، فمثل هذه الممارسات تؤدي إلى زعزعة مفاهيم الخلع وتُخَلِّصُهُ من مضمونه الأصلي والذي تم إيجاده لحماية حقوق الزوجين.
من جهة قانونية، أبرز المحامي أحمد حسام أهمية هذا المبدأ القضائي في إعادة التوازن بين الزوجين وإيقاف إساءة استخدام حق الخلع، مؤكدًا أن هذا الحق موجود لإزالة الأذى وليس لتكريسه، كما أنه يتطلب من الزوجة تنازلات تشمل جميع حقوقها المالية المتصلة بالزواج.
وأشار حسام إلى أهمية التدقيق في إثبات التنازلات ومدى صحتها عبر الوثائق والتحقيقات، فإذا وُجد أي شبهة حول صحة تلك التنازلات، قد تُعتبر الدعوى غير كاملة، مما يعكس أهمية الشفافية في الإجراءات القانونية الخاصة بالخلع.
اختتم حسام حديثه بالتأكيد على أن الأوضاع القانونية الجديدة أعادت الهيبة لمفهوم الخلع، وجعلت منه حقًا منظمًا بعيدًا عن الممارسات التلاعبية، مما يعلي من قيمة نظام العدالة الأسرية ويضمن حماية جميع الأطراف المعنية في هذا الشأن.
