توفي ديك تشيني، نائب الرئيس الأمريكي في عهد جورج بوش الابن، عن عمر يناهز 84 عامًا، بعد صراع طويل مع الأمراض المزمنة، بما في ذلك أمراض القلب ومضاعفات الالتهاب الرئوي، وقد عاشت عائلته لحظات مؤلمة قبل هذا الفراق، حيث عانى تشيني من مشاكل صحية كثيرة على مدار حياته، وتمكن من النجاة من عدة نوبات قلبية كما خضع لعملية زراعة قلب في عام 2012، والتي منحت له سنوات إضافية.
على مدار عقود، كان تشيني شخصية مثيرة للجدل في السياسة الأمريكية، فقد شغل مناصب متعددة، منها نائب الرئيس ووزير الدفاع، لكنه عاش سنواته الأخيرة في عزلة نسبية داخل الحزب الجمهوري، حيث انتقد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشدة، وقد وصفه بـ “الجبان” معتبرًا أنه أكبر تهديد لأمريكا، وعكس تأييده للديمقراطيين في انتخابات 2024 موقفه المعارض لقيادة الحزب الجمهوري الحالية، مما جعل الكثير يعتبرونه منبوذًا سياسيًا.
تأثرت مسيرة تشيني بشكل كبير بالأحداث الجسام التي مر بها، فقد كان متواجدًا في البيت الأبيض خلال هجمات 11 سبتمبر، وقررت تلك اللحظة مصير الكثير من السياسات الأمريكية، حيث اتجه للرد بقوة على الهجمات وإصدار أوامر تتعلق بتعزيز الأمن القومي. وقد ساهمت تلك الظروف في رسم سياسات الحرب التي اتبعتها الإدارة الأمريكية في تسعينيات القرن الماضي، مما أدى إلى توسيع انتشار القوات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط.
أيضًا، كان له دور بارز في غزو العراق عام 2003، حيث اعتبرت تصريحاته حول أسلحة الدمار الشامل ووجود علاقة بين العراق وتنظيم القاعدة محورية في موافقة الكونجرس على الحرب، ورغم ذلك، وكشفت التحقيقات لاحقًا أن المعلومات التي استخدمتها إدارته كان بها تضخيم للأدلة. ومع ذلك، استمر تشيني في الدفاع عن تلك السياسات بشكل صارم رغم انخفاض نسبة تأييده بشكل ملحوظ.
على الرغم من الجدل الذي أحاط به، إلا أن تشيني أبقى على قناعاته حول أساليب الاستجواب القاسية، معتبرا أنها ضرورية لمواجهة التهديدات. وعند سؤاله عن العراق، كان لديه إيمان راسخ بأن قراراته كانت صحيحة، وأكد أنه لو عاد به الزمن لفعلها مرة أخرى دون تردد، مما يجعله شخصية محورية في تاريخ السياسة الأمريكية الذين تبعوا تطورات الأحداث الدولية بشغف.
