في الآونة الأخيرة، أزاحت دراسة جديدة نشرت في مجلة البيولوجيا الجوفية الستار عن اكتشاف مدهش في كهف الكبريت بجنوب أوروبا، حيث تم العثور على أكبر شبكة عنكبوت في العالم، تمتد هذه الشبكة الضخمة عبر مساحة 106 أمتار مربعة، وتضم أكثر من 111 ألف عنكبوت، يظهر هذا الاكتشاف التفاعل المتباين بين الأنواع المختلفة وكيف يمكن للبيئات الخفية أن تحتضن تنوعًا مذهلاً.
تتكون الشبكة من نوعين مختلفين من العناكب، هما تيجيناريا دوميستيكا وبرينيريجوني فاجانز، وهو ما أثار دهشة الباحثين، حيث توقعت الدراسات الأولية أن تتغذى أحد الأنواع على الآخر، غير أن الواقع جاء مغايرًا تمامًا، إذ تعيش العناكب في تناغم بيئي نادر داخل هذه الفضاءات المظلمة، ربما بسبب تأثير غياب الضوء على سلوكياتها وقدرة رؤيتها.
فيما يتعلق بالنظام البيئي القائم داخل كهف الكبريت، يتغذى نوعا العناكب على البعوض، الذي بدوره يعتمد على الأغشية الحيوية الميكروبية المكونة من بكتيريا مؤكسدة للكبريت، أظهرت التحاليل أن النظام الغذائي لهما يجعل ميكروبيومهما الداخلي أقل تنوعًا مقارنةً بنظيراتهم خارج الكهف، مما يكشف عن توازن بيئي معقد يعتمد على علاقات غذائية دقيقة.
هذا الاكتشاف لم يكن فقط بمثابة مفاجأة للعلماء، بل أصبح كابوسًا حقيقيًا لكرهى العناكب، فكما يقول الأستاذ استفان أوراك من جامعة سابينتيا، هذه الشبكة تمثل مغزى عميق من الجمال والإعجاب، وقد تسهم أيضًا في إلهام أفلام رعب مستقبلية، جوهرها مستوحى من هذا العالم الغامض والمذهل في أعماق الأرض.