في عالم يتسم بالضوضاء والازدحام، يبقى صوت القرآن الكريم هو النور الذي يضيء الدروب، وهو دعوة للسكينة والطمأنينة، ومن هنا تنبثق فكرة “دولة التلاوة” التي تُعد مملكة روحية لا تُرسم على خرائط، بل تُبنى في القلوب الطاهرة، وتفتح أبوابها لكل من يسعى لسماع لحنٍ ينقل الروح إلى عالم من السلام والهدوء.
في “دولة التلاوة”، يلتقي أطفال من ذوي القلوب النقية، حيث يتم تلقي آيات الله بصوتٍ شجي، ويعيش المشاركون تجربة فريدة من نوعها عبر الأداء والتأمل في معاني القرآن الكريم، إن هذه الفقرة الغنية بالمشاعر تبرز كيف أن الطرب الروحي الذي يسود في هذا البرنامج يعيد صياغة العلاقات بين القارئ وكلام الله، فكلما ازدادت مشاعر الخشوع، كلما تعززت الروابط الروحية.
برنامج “دولة التلاوة” أظهر قوته في جذب الانتباه من خلال لحظات إنسانية مؤثرة، حيث أثارت إحدى الحلقات مشاعر الحضور بعد أن بكى أحد المشاركين الصغار، بعد انتهائه من تلاوته، وقدم له أحد أعضاء لجنة التحكيم كلمة من الأمل: “لا تبكِ يا ولدي… فلا خاسر مع القرآن”، كانت تلك الكلمات بمثابة دفعة قوية تذكّر جميعنا بأن مُسابقة التلاوة ليست سوى وجهة للتأمل والانتشاء.
عُرضت إحدى أبرز اللحظات عندما قام الداعية مصطفى حسني بتقبيل يد أحد المتسابقين، وقد اعتبرها الكثيرون لفتة تعكس التقدير للطموح والفن، تلك الأفعال تعبر عن العواطف الجياشة التي يعيشها الجميع، وتجسد اللحظات التي تُخلّد في الذاكرة، وتحفز الطموحات لبلوغ أعلى مستويات الأداء.
انطلقت أولى حلقات برنامج “دولة التلاوة” يوم الجمعة الماضية، وهو مخصص لاكتشاف المواهب في تجويد القرآن الكريم، يتم بثه على قنوات الحياة وCBC والناس، بالإضافة إلى منصة “Watch It”، على أن تستمر الحلقات يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع، هذا البرنامج يجذب جمهورًا واسعًا بانتظار كل جديد فيه.
المنافسة في “دولة التلاوة” كانت محتدمة، حيث تقدّم أكثر من 14 ألف متسابق من مختلف أنحاء مصر، واختُير 32 موهبة بعد مراحل تصفية متعددة، تحت إشراف لجنة مختصة من وزارة الأوقاف المصرية، ما يضمن جودة الأداء واحترافية المنافسة، الجوائز هي أخرى التي تميز البرنامج، حيث تصل قيمتها إلى ملايين الجنيهات، وتمنح الفائزين فرصًا لتسجيل المصحف وإمامة المصلين في المساجد الشهيرة، ما يعكس مدى أهمية هذا البرنامج في تعزيز الفنون القرآنية.