لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد تقنية حصرية للكبار، بل أصبح يندمج في حياة الأطفال بشكل متزايد، وبالأخص مع الألعاب الإلكترونية التي تتضمن عناصر تفاعلية. الشخصيات الرقمية التي كانت تستهوى الأطفال تتحول الآن إلى روبوتات دردشة متطورة تؤثر على سلوكياتهم، مما يثير التساؤلات حول تأثير هذا التواصل الذكي على تربية الأطفال، وهل يمكن أن يتجاوز ذلك حدود المعرفة الأبوية.
تتضمن العديد من الألعاب روبوتات دردشة تتحاور مع الأطفال، بعضها يتواجد بشكل واضح والبعض الآخر يظهر بشخصيات ودودة. الروبوتات ترد بشكل فوري وتشجع الأطفال، مما يجعلهم يطورون روابط عاطفية مع هذه الشخصيات. مع الوقت، قد يبدأ الطفل في رؤية الروبوت كصديق حقيقي يشاركه أفكاره ومشاعره، مما يضع الآباء أمام تحديات جديدة في فهم العلاقات التي يشكلها أطفالهم مع العالم الرقمي.
القلق الكبير يأتي من تأثير هذه الروابط الاصطناعية على تنمية الثقة بالنفس. الأطفال يتعلمون شكل العلاقات من خلال التجارب الحياتية، حيث التفاعلات الإنسانية تعكس مشاعر حقيقية. لكن عندما يتعامل الأطفال مع روبوتات توفر استجابة مثالية، قد يجدون أنفسهم يتبنون فهمًا مشوهًا للعلاقات الحقيقية. هذا يُمكن أن يؤدي إلى بناء صورة ذاتية غير دقيقة أو الاعتماد على الاحساس بالتحفيز الرقمي بدلًا من التواصل الإنساني الحقيقي.
هنا تظهر تساؤلات جديدة حول كيفية تأثير الروبات على سلوكيات الأطفال، إذ يمكن للروبوتات توجيه قرارات الأطفال عبر خوارزميات معقدة تبحث عن نقاط ضعفهم. هذه الأنظمة قد تدفع الأطفال إلى الاستمرار في اللعب لفترات أطول أو تبني سلوكيات معينة تجاه الشخصيات داخل اللعبة، مما يعزز من صعوبة الفصل بين التفاعل الواقعي والافتراضي.
وبالإضافة إلى ذلك، يجمع بعض خدمات الذكاء الاصطناعي بيانات مهمة عن الأطفال مثل مشاعرهم وما يحبونه، وهنا تظهر مسألة الخصوصية كعامل محوري. فهذه البيانات يمكن أن تسهم في تحسين التجربة ولكن في بعض الأحيان قد تُستخدم لأغراض تجارية، مما يجعلها مخاوف تثيرها الأسر حول من يتعامل مع معلوماتهم الشخصية.
لحماية الأطفال، ينبغي على الآباء أن يكونوا أكثر وعيًا بألعاب الأطفال والتأكد من خلوها من الروبوتات التي قد تؤثر سلبًا. يجب أن يكون هناك حوار مستمر حول ما يحدث داخل اللعبة، مع وضع حدود زمنية للعب لضمان عدم تحول الروبوت إلى مصدر تواصل رئيسي. كما يُفضل اختيار ألعاب بشفافية وموثوقية واضحة.
روبوتات الدردشة ليست تهديدًا بحد ذاتها، لكنها تثير تحديات هامة تحتاج إلى وعي وتحليل دقيق من الأهل. ينبغي أن تبقى شخصيات الألعاب مجرد أصدقاء افتراضيين، وليست مؤثرات رئيسية في حياة الأطفال، ليصبح وعي الأهل خط الدفاع الأول ضد المخاطر المحتملة.