في جو من الالتزام بتعزيز العدالة الأسرية، أكدت محكمة النقض على أهمية حماية الأطفال من نتائج الخلافات الزوجية، وقدمت رأيًا قانونيًا يعيد تأكيد حق الطفل في الحضانة، حيث تعتبر الحضانة حقًا أصيلاً للطفل وليس مكسبًا لأحد الأبوين، كما أوضحت أن معايير الحضانة تعتمد على المصلحة النفسية والاجتماعية للأطفال، بعيدًا عن أي دوافع انتقامية بين الأزواج.
مبادئ المحكمة تركز على أن الهدف من نظام الحضانة هو توفير بيئة مستقرة تساهم في نمو الطفل بشكل صحي، فالحضانة ليست وسيلة لتحقيق رغبة أحد الأبوين، بل يجب أن تضمن الراحة النفسية والتربوية للطفل، علاوة على ذلك، يُعتبر مبدأ “المصلحة الفضلى للصغير” الرؤية الأساسية التي توجه قرارات المحكمة في قضايا الحضانة ككل.
في السياق نفسه، أكدت الأحكام القضائية على أهمية النظر إلى مصلحة الطفل كأولوية، موضحة أن الشروط التي تمنح لقب الحضانة يجب أن تتوفر لدى الحاضن، لتعزيز البعد الإنساني في القضايا الأسرية، وقامت المحكمة بإغلاق الباب أمام استخدام الحضانة كوسيلة ضغط أو انتقام بين الأطراف، مما يعكس مُثل العدالة الإنسانية.
يرى المستشار القانوني إبراهيم أبو الحسن أن هذا الحكم يمثل إنجازًا مهمًا في تصحيح مسار العدالة الأسرية، حيث أعادت المحكمة التركيز على الغرض الأساسي من الحضانة وهو تأمين حماية الطفل نفسيًا واجتماعيًا، بالإضافة إلى تحقيق الاستقرار العاطفي له، مما يسهم في تقليل النزاعات الكيدية المرتبطة بالطلاق.
تطبيق مبادئ هذا الحكم يقود إلى ضرورة إعادة النظر في الظروف والاحتياجات الفعلية للأطفال، بدلًا من مجرد الاعتماد على بنود قانونية، الأمر الذي يمهد لفتح أبواب جديدة للعدالة، حيث يجب أن تظل “الرحمة” هي المحرك الرئيسي لتلك القضايا، وفي الوقت نفسه ينبهنا ذلك إلى أهمية فهم التعقيدات الإنسانية المرتبطة بها.
حيث أن المحكمة من خلال هذه الأحكام تؤكد أن الأطفال ليسوا طرفًا ثانويًا في النزاعات الأسرية، بل يجب أن يتمتعوا بمركزية القضايا، فعندما ينصب التركيز على احتياجات الأطفال، تتيح لنا العدالة تحقيق بيئة أكثر أمناً واستقرارًا، تظل فيها الحضانة أمانة ومسؤولية تتجاوز كونها نوعًا من المكافآت أو الصراعات بين الأبوين.

 
                     
                                                     
                                                     
                                                     
                                                     
                                                    