يعد القتل بالسم إحدى أبشع صور الجرائم، حيث يجمع بين الغدر والخيانة، ويبرز قسوة مرتكبيه الذين لا يجرؤون على المواجهة، فالسم لا يمنح الضحية فرصة للدفاع عن نفسها، بل إنه يحول اللحظات التي يفترض بها أن تحمل الألفة والمودة إلى مشاهد من الموت البطيء، وهذا النوع من الجرائم يثير فزع المجتمع ويترك آثارًا عميقة على النفوس.
تحوّلت المائدة، التي كانت رمزًا للأمان والدفء، في إحدى الجرائم المروعة التي هزت الرأي العام إلى وسيلة لموت بارد، حيث انسدلت أستار الخيانة في شقة صغيرة بالجيزة، فقد أقدم صاحب محل أدوية بيطرية على دس السم في كوب عصير، ليقضي على امرأة وأطفالها الثلاثة، في مشهد يعكس انعدام الإنسانية.
أظهرت التحقيقات أن الجاني عاش مع الضحية وأبنائها قبل أن تتدهور العلاقة بينهما، ليختار الانتقام بهدوء جليدي يبعث على الرعب، فقد بدأ بدس السم في شراب الأم، ومن ثم كرر فعله المميت مع أطفالها، لتظهر وحشية لم يشهد المجتمع لها مثيلًا من قبل، قبل أن تلقي أجهزة الأمن القبض عليه ويكشف عن تفاصيل جريمته.
يؤكد المحامي بالنقض خالد محمد أن القانون المصري يعامل هذا النوع من القتل كجريمة عمدية مع سبق الإصرار والترصد، إذ يتطلب الأمر تخطيطًا مسبقًا ودقة في التنفيذ، وغالبًا ما يكون الجاني شخصًا مقربًا من الضحية، فقد فرض القانون عقوبة الإعدام شنقًا، ما يبرز صرامة النظام القضائي تجاه هذه الفظائع.
إن استخدام السم لا يقتصر على إنهاء الحياة، بل يمتد ليهدم الثقة بين الناس، حيث يتحول الأمان إلى غطاء للغدر، وتبقى هذه الجرائم شاهدة على أن العدالة لا تتوانى عن محاسبة من يسعى للزرع الموت في طعام الحياة، لتظل المجتمعات حذرة من تلك الأفخاخ القاتلة التي تُدس في قلوبها بأيدٍ غادرة.

 
                     
                                                     
                                                     
                                                     
                                                     
                                                    