تستعد محكمة جنايات مستأنف الإسكندرية لعقد أولى جلسات استئناف محاكمة سفاح المعمورة غداً، حيث يتولى رئاسة الجلسة المستشار السيد عبدالمطلب سرحان، ومشاركة مجموعة من المستشارين. الحكم السابق كان يقضي بالإعدام شنقًا، وهو ما يحمل دلالات خطيرة حول طبيعة الجرائم المرتكبة، ويجذب انتباه الرأي العام نحو تفاصيل هذه القضية الشائكة.
قضية سفاح المعمورة تبدأ من بلاغات وردت إلى قسم شرطة المنتزة ثان بالإسكندرية، تفيد بارتكابه جرائم قتل بشعة، وقد تفاعلت الأجهزة الأمنية بسرعة مع تلك البلاغات. التحقيقات كشفت عن تفاصيل مروعة تروي قصة القتل والتخلص من الجثث، الأمر الذي زاد من حجم المعاناة الإنسانية المرتبطة بأفراد هذه المجني عليهم.
استناداً إلى التحقيقات، تبين أن المتهم “ن.ا. ال” قد ارتكب جريمته الأولى بقتل “م.ا.م” و”م.ف.ث”، حيث قام بإخفاء جثثهم في الوحدات السكنية التي استأجرها. كانت هذه الجرائم مدفوعة بدوافع مالية ونزاعات شخصية، مما يعكس حجم الانحراف الأخلاقي والقيمي الذي وصل إليه الشخص المتهم، والذي لم يتوان في تخطيط جريمته بشكل دقيق للاختفاء من الأنظار.
على الرغم من العلاقة المهنية التي نشأت بين المتهم والمجني عليه الأول، إلا أن الظروف المالية دفعت المتهم لاستغلال تلك العلاقة لتحقيق مكاسب شخصية، ومن ثم انتقل إلى مرحلة ترويع المجني عليه تحت التهديد. ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد، بل استخدم المتهم سلوكيات خبيثة للإيحاء بعدم وجود جريمة وإبعاد الشبهة عن نفسه بطريقة جهنمية.
أما الجريمة ضد المجني عليها الثانية، فقد كانت في إطار نزاع شخصي، تجسد في خطط المتهم لضمان عدم تعرضه لمشكلات متعلقة بالنفقات أو الحقوق المالية، وهو ما دفعه للقيام بقتل زوجته بإصرار وبدافع من الغضب والشعور بالضيق. هذه الجريمة الأغرت المتهم ليصنع حلولاً بما يبدو مأساويًا، مما يعكس عميق الانحراف الفكري والنفسي لديه.
التحريات أكدت أن المتهم لم يتوان عن قتل المجني عليها الثالثة “ت.ع.ر”، حيث كان يخطط لاستغلالها لأغراض مالية، فاستدرجها إلى منزله وقتلها بطريقة مأساوية، ثم قام بإخفاء جثتها بجوار جثة زوجته. هذا التسلسل المروّع للأحداث يظهر مدى التدني الأخلاقي الذي وقع فيه المتهم، والذي يتطلب وقفة جدية من قِبَل المجتمع لفهم الدوافع وراء مثل هذه الجرائم.
المسار القانوني للقضية لم يكن مفاجئاً، حيث تم إحالة المتهم إلى محكمة جنايات الإسكندرية، التي اتخذت قراراً بالإعدام شنقًا. القرار لم يكن مجرد رد فوري على الجرائم، بل يمثل رسالة قوية لكل من تسول له نفسه المساس بأرواح الآخرين، إذ يُظهر أن العدالة ستأخذ مجراها وحق الضحايا سيعود إليهم.
في النهاية، محاكمة سفاح المعمورة تنبه المجتمع إلى ضرورة تكثيف الوعي القانوني والاجتماعي بالقضايا المرتبطة بالعنف والجريمة، إذ يفترض بنا جميعاً أن نكون أكثر حذراً وأن نسعى إلى معالجة الأسباب التي تقود إلى تلك الجرائم. إن التعلم من هذه التجارب القاسية هو السبيل لمستقبل أكثر أمانًا.
