في أعماق صعيد مصر، تتواجد حرفة تقليدية تروي قصة غنية من الأصالة والتراث، إنها “الجلاب” أو ما يُعرف بـ”آيس كريم الصعايدة” الذي ينتشر في أجواء مهرجان قنا للفنون والحرف التراثية، هذا المهرجان الذي يُحتفل به من الرابع حتى الثامن من نوفمبر 2025 يجسد رؤية مصر لصون الهوية الوطنية والحفاظ على الفنون الشعبية. ويستعرض المشاركون في المهرجان في كل ركن من أركانه لمحة عن جماليات هذا الموروث الفني، حيث يظهر الجلاب بلونه الذهبي اللامع.
في قلب الفعاليات، يبرز الجلاب كتحفة تقليدية تمثل عراقة أهالي قنا، فهو مصنوع من مكونات طبيعية مثل قصب السكر والعسل الأسود، ويُعتبر رمزًا للحرف اليدوية التي تنقل للأجيال القادمة أصالة البساطة والمهارة، تجدر الإشارة إلى أن كل قطعة جلاب هي نتاج شغف كبير وصنعة متوارثة.
تشتهر قرية القناوية، التي تقع شرق النيل، بإنتاج الجلاب، حيث تبدأ الرحلة مع حصاد القصب، وتمر بعمليات دقة وإعداد في ورش حرفية يتعاون فيها عدد من العمال لصنع هذه الحلوى التقليدية، يُعبر الباعة في الأسواق عن حيوية هذه الصناعة بنبراتهم المميزة، مرددين “الجلاب الآيس كريم.. بخمسة جنيه يا جلاب!”، حيث أصبحت تلك النداءات جزءًا من يوميات أهل المنطقة.
خالد عبد العظيم القرعاني، وهو أحد الحرفيين المخضرمين، يشير إلى أن الجلاب يتفرد بمكوناته الطبيعية وصحته، وهو القيمة الغذائية التي تضمن جاذبيته لدى الكبار والصغار، بالإضافة إلى كونه مصدر رزق لعائلات عديدة، تتعاون في تحديات الإنتاج التي يفرضها السوق.
كما يبرز العم أحمد من أبناء القناوية أهمية اللمسة اليدوية في صناعة الجلاب، مشيرًا إلى أن كل قطعة هي عبارة عن قصة تتحدث عن العلاقة العميقة بين الإنسان والأرض، وهذا ما يضيف رونقًا خاصًا لهذا المنتج، حيث تم تحسين طرق تقديم الجلاب ليظل محتفظًا بشخصيته التراثية.
لا يمكن اعتبار الجلاب مجرد حلوى فحسب، بل هو رمز لذاكرة متجذرة في ثقافة الصعيد، ويعكس مشاعر الفخر والاعتزاز بين الأجيال، حيث يبقى الجلاب أو “آيس كريم الغلابة” كما يُطلق عليه، تجسيدًا حيًا لجمال التراث المصري الذي يواصل الازدهار في قلوب أهالي الصعيد.
أسعار الجلاب:
- جلاب صغير: 5 جنيهات
- جلاب كبير: 10 جنيهات
- جلاب بالحشوات: 15 جنيهًا
- جلاب باللوز أو الفستق: 20 جنيهًا
بهذا الشكل، يستمر الجلاب في التألق كجزء من التراث السياحي والغذائي في مصر، يعدو الجميع إلي تذوق طعمه المميز، الذي يحمل عبق الزمن.
