حجزت الدائرة الثالثة المختصة بمنازعات البث الفضائي في محكمة القضاء الإداري الدعوى رقم 41878 لسنة 79 قضائية للممثِّل القانوني لقناة “الرحمة” وزملائه، وذلك للحكم في جلسة يوم الأحد الموافق 23 نوفمبر المقبل، جاء ذلك بعد تقديم حافظة مستندات تتضمن مقاطع مُنْسوبة للداعية السلفي مصطفى العدوي، تتعلق بالإساءة للحضارة الفرعونية، بالإضافة إلى صورة من إجراءات التحقيق الجارية ضده في نيابة أمن الدولة العليا.
طالبت الجهة المدعية بإلغاء ترخيص القناة ووقف بثها، فضلًا عن حجب منصاتها الرقمية، كما أشار المدعي إلى ضرورة إحالة مقدمي البرامج والمحتوى للمساءلة المهنية، مُستندًا إلى أن القناة تتبنى خطابًا سلفيًا متشددًا يحض على الكراهية والإقصاء، مما يتعارض مع الضوابط الإعلامية ومتطلبات الحفاظ على السلم المجتمعي والهوية الثقافية المصرية.
شمل ملف الدعوى أمثلة لشخصيات سلفية استُضيفت على القناة، مثل عثمان الخميس، وأبو إسحاق الحويني، ومحمد حسين يعقوب، ومحمد حسان، وقد ركزت المرافعات القانونية على محتوى برامج مصطفى العدوي، والذي تم وصفه بأنه يمس مكوّنًا حضاريًا أصيلاً، خاصة في وقت يُحتفى فيه رسميًا وثقافيًا بالحضارة المصرية القديمة.
يسلط هذا القرار الضوء على تحديات الإعلام في مصر في تقبل التنوع الفكري والثقافي، حيث يُشكل البث الفضائي أداة فعالة للتواصل مع الجمهور، وما يصاحبه من مسؤولية كبيرة لضمان مراعاة القيم الثقافية والوطنية، وبدون شك فإن هذه القضية ستخلف تأثيرات كبيرة على مستقبل الإعلام السلفي في البلاد.
تتباين وجهات النظر حول حرية الإعلام من جهة وضرورة الرقابة من جهة أخرى، حيث تُعتبر كل قناة إعلامية مرآة تعكس توجهات المجتمع وأفكاره، ومع ذلك تحمل هذه المرآة أيضًا أمانة الحفاظ على الأبعاد الثقافية والوطنية، ما يُبرز أهمية تحقيق توازن بين حرية التعبير والالتزام بالقيم الاجتماعية.
ستلقي نتائج هذه الدعوى بظلالها على مسار الإعلام الديني في مصر، ويُظهر ذلك كيفية التصدي للدعوات المتشددة والمُثيرة للجدل ضمن القنوات الفضائية، من خلال التقيد برؤية تراعي السلم المجتمعي وتعزز من الهوية الثقافية الوطنية، وهو ما يتطلب تفاعل جميع الأطراف المعنية من أجل الوصول إلى حلول تضمن مستقبلًا إعلاميًا جيدًا.
