أقرت محكمة النقض بتأسيس مبدأ قضائي حاسم في الطعن رقمه 4053 لسنة 65 قضائية، يشير إلى أن ترك المستأجر للعين المؤجرة لزوجته للإقامة قبل الطلاق، يُعد تصرفاً ضمنياً يفيد تنازله عن حق الانتفاع بالعين، مما يؤدي إلى انتفاء صلته القانونية بالعقار المؤجر، ويصبح بعد ذلك غير مُعتَد به كطرف في العقد.
صرحت المحكمة بأن الزوج الذي يترك العين المؤجرة لزوجته ليقيم فيها بمفردها، دون أن يحتفظ بالحيازة الفعلية، يعتبر متنازلاً عن حقه في الإيجار، وبالتالي يفقد بطبيعة الحال إمكانية العودة إلى العين أو الاستفادة منها، ما لم يكن هناك اتفاق صريح يخول له ذلك، ويُفقده صلته القانونية بالمالك.
تحكي وقائع القضية عن دعوى رفعها مالك العقار ضد مستأجر دعا فيه لإنهاء عقد الإيجار والإخلاء، بعد ترك المستأجر لشقته لزوجته، إذ أوضح أنه انتقل للعيش في مكان آخر، مما يعني تخليه عن حقه. على الجانب الآخر، أصر المدعى عليه بأنه لا يزال طرفاً في العقد، إلا أن المحاكم الابتدائية والاستئنافية، بالإضافة إلى محكمة النقض، دعمت الرأي بعدم صحة هذا الادعاء.
أكدت محكمة النقض أنه لا يُفترض استمرار العلاقة الإيجارية، بل يجب أن تتوافر هناك إقامة فعلية ومتواصلة في العين المؤجرة، فترك المستأجر العين برغبته دون وجود نية للعودة يقطع الرابط القانوني مع المؤجر، ويظل ذلك ساريًا حتى لو كانت الزوجة هي المقيمة في العين المؤجرة.
كما أوضحت المحكمة أن آثار العقود تنحصر عادة في الأطراف المعنية، ولا يمكن لأحد أن يتمسك بعقد لم يعد طرفاً فيه، خاصة بعد عدم احتفاظه بحق الانتفاع بالعين، مما يوضح أن العلاقة المنعقدة ليست مجرد شكلية بل تستند إلى الحقائق القانونية الفعلية.
بدوره، أشار المستشار القانوني إبراهيم أبو الحسن، إلى أن الحكم يعزز ضوابط واضحة تتعلق بترك المستأجر للعين المؤجرة لأحد أفراد أسرته، ويفرق بين الإقامة العرضية والتنازل الضمني، إذ أن الحيازة الفعلية هي العنصر الأساسي لاستمرار العلاقة الإيجارية.
كما أضاف أن مثل هذا الحكم يمنع أي محاولات للاحتفاظ بحقوق إيجارية بعد التخلي الفعلي عن السكن، مما يبرز أن القضاء يتجه نحو تطبيق مبدأ “الإقامة الفعلية لا الشكلية” في هذه القضايا، وهو ما يعكس تطورًا في الثقافة القانونية نحو تنظيم أكثر دقة للعلاقات الإيجارية.
